01‏/11‏/2017

البديل الجذري// مناورات النظام...

ما هو ردنا وما هو سلاحنا؟
انتفاضات شعبنا في الشمال والجنوب وعبر التاريخ على طول خريطة بلادنا، أثبتت،
وتثبت مرة أخرى، أن النظام ليس له أي إجابة عن الوضع المتردي لشعبنا، وأنه لا يتقن ولا يتفنن سوى في أساليب القمع والاضطهاد والإجرام والمناورة وتوظيف جيوش العملاء والمندسين والمترددين وتجار العمل السياسي والنقابي والجمعوي وكذلك تجار الدين، لتخريب الفعل النضالي من الداخل، ومحاصرته، والالتفاف عليه وتمييعه، وبالتالي منع امتداده لربوع البلاد على أرضية أكثر جذرية، وخلط الأوراق وإشاعة الغموض واختلاق الصراعات الهامشية.. كما أن لجوء أبناء شعبنا للمقاومة والمجابهة الميدانية لأسطول القمع، بعفوية وبروح التحدي مع اشتداد المعارك، قد أزاح الى الخلف عروض الموضة ومحبي/عشاق التقاط الصور والعناقات المصطنعة.. وهو خيار/مسار عمقته المخططات الإجرامية للنظام التي أجهزت على جل المكتسبات التاريخية تحت ذريعة إعادة الهيكلة للقطاعات العمومية وإصلاح مؤسسات "الرعاية الاجتماعية " والانفتاح على التجارة العالمية المتحررة من الضوابط، مع ما نتج عنها من ارتفاع دائم لجميع أسعار السلع، وإكراه الطبقة العاملة والفقراء بشكل عام على قبول أي أجر لأي عمل يتاح لهم للمزيد من تعميق الفوارق الطبقية ونشر عوامل الانحطاط والتفسخ على نطاق واسع وصل حد إنتاج كل مظاهر الفساد الانحراف وانتشار الجريمة المنظمة والمتحكم فيها، وتخريب الأسر ونسف تماسكها، وتحطيم كرامة الإنسان، وفتح أبواب السجون كبديل ووسيلة لضبط إيقاع ما آلت إليه الأوضاع من تردي.. 
إن النظام منسجم وواضح في خياراته، شكلا ومضمونا، هذه حقيقة لن تخفيها اليوم بهرجة الصحافة المأجورة ولا تجار الأقلام البئيسة ولا سموم الشوفينية المتصهينة ولا سماسرة العمل السياسي والنقابي والجمعوي ولا الدعاية الممسوخة على الصفحات والمواقع والقنوات المملوكة.. فطاحونة الصراع الطبقي في مرحلة "طحن مو"/طحن الشعب لن تنفع معها الكلمات الضخمة و"زلازل" الخدع السينمائية لصناعة أفلام "الأكسيون". فالنظام أعلن وبصوت مرتفع ونيابة عن الامبريالية أن السلم يقابله استسلام الفقر للخداع، وأي رد واع أو عفوي فمقابله الحرب والتقتيل والسجون والمحاكمات الصورية والمزيد من التضييق على الحريات العامة، ومنها حرية الرأي والتعبير. ومن خلال مجازره وجرائمه يعلن حربا ضد كل جماهير شعبنا على طول خريطة البلاد، ويصور من خلال البؤس والمجاعة أوضاع السلم التي يراها من جانبه. ولم يكن مفاجئا اعتماد القمع حتى في الخطاب، كخياره لحماية قلاعه وحصونه وضمان سيادته وسيطرته على كل منابع ومصادر الثروة وتكريس النهب والاستغلال باعتبار الأجهزة القمعية الذراع الحاسم لتأمين القبضة الحديدية على السلطة كإجابة، وآلية للتعامل مع المطالب البسيطة لشعبنا، انه الإعلان الرسمي عن كون المجازر والاختطافات التي خيمت، وستخيم، ما هي الا "تطبيق للقانون"/قانون الأقلية النافذة والنهابة والعميلة. 
والدماء الزكية لأبناء شعبنا في الشوارع والسجون وواقع الفقر المدقع منذ الاستقلال الشكلي الى اليوم؛ ونحن في أجواء ومحطات استشهاد المناضل كمال الحساني ومحسن فكري واختطاف/تصفية المهدي بنبركة والحسين المانوزي واغتيال المناضلين المعطي بوملي وتهاني أمين وعبد اللطيف زروال؛ نعيش واقعا فعليا ساطعا يعكس طبيعة النظام القائم، لاوطني لاديمقراطي لاشعبي؛ واقع/مضمون يفسد ديكور المجندين والمأجورين وكل البهلوانات السياسية والإعلامية المنشغلة بالتطبيل لما سمي ب"الانتقال الديمقراطي" وبمسرحيات يسقط فيها بعض الممثلين السياسيين والإداريين كضحايا غير مرغوب فيهم لتجميل الوجه البشع للنظام.. 
إن النظام لم يترك، عمليا، وفي الخطاب الرسمي أيضا، أي مجال لجدال عقيم يسوق لأشكال المقاومة السلمية كقاعدة لتغيير أنظمة القمع والاضطهاد، كأن هذه الأخيرة تقف على سطح رخو ومهزوز يمكن تكسيره أو إزاحته بترديد الشعارات فترات العطل الأسبوعية.. 
إنه يعلن بكل وضوح وبدون لف أو دوران، أو قل بلغة الإشارات المرغوب في تسييدها، تشبثه بحماية البورجوازيين وأشباه البورجوازيين ومصالح الامبريالية وقوى النهب والاستغلال والعمالة، وكذلك عصابة النهب والاستغلال القابضة على قطاعات الاقتصاد الكبرى من بنوك ومناجم وعقارات والريع والتوزيع والتصدير والصناعات التحويلية والاستهلاكية والخدمات والبناء والأسواق الكبرى والسوق السوداء، أي ما يسمى بالقطاع الخاص..
لقد قدم النظام لوحة وردية عن المخططات الطبقية وعن الاستثمارات "المباركة" وأشاد بدور هذه العصابات التي أوصلت بلادنا وشعبنا إلى حافة الفقر المدقع.. وإن الحل السياسي (المناورة) للالتفاف على مطالب شعبنا، وعلى المعارك البطولية، يقتضي أكباش فداء من السياسيين وبعض رجال الدولة وبعض الموظفين، في محاولة التستر على جرائم البورجوازية الكبيرة المتمثلة في الكمبرادور والملاكين العقاريين الكبار، الذين نهبوا البر والبحر وباطن الأرض. ومنذ 1956 إلى الآن، تتعمق الأزمة التي آلت إليها البلاد، والتي تعم كل المجالات وكل المستويات وستتعمق أكثر لتبلغ أعلى مستوياتها، بحيث لم تعد تحتمل وصفات الإنعاش الوهمية بعدما أوصلوا الشعب الى ذروة مستويات التفقير والتشريد، كنتيجة لكل المآسي والمخططات الطبقية ولسياسات النهب والاستغلال والسطو على القطاعات العمومية تحت ذريعة الإفلاس والعجز والفساد، هذا الأخير الذي عمر طويلا في انصياع وخضوع مطلقين لتوصيات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي.. كما كرس الخطاب أبعاد السلطة المطلقة وأبان أن كل المؤسسات السياسية من أحزاب ونقابات ومجالس نيابية وكل أدوات الضبط السياسي والتوجيه البيروقراطي سيعاد تنظيمها وتجنيدها، ومنها سيقدم النظام أكباش تضحية آخرين، إن اقتضى الأمر ذلك، لامتصاص غضب الشارع مؤقتا، وفق متطلبات اللحظة.. 
إن النظام أعد إخراجا سينمائيا قدم من خلاله بعض موظفي الدولة وبعض الرؤوس السياسية كضحايا لامتصاص الغضب ومحورة الصراع، والتغطية على غياب التعاطي الفعلي مع الوضع السياسي والاجتماعي والاقتصادي القائم، ولتمرير مخططات القوى الاستعمارية والدفع بالوضع العام للشعب على جميع المستويات إلى الخراب والدمار المعممين، ومنع أي إمكانية لتجذير الفعل النضالي والسياسي والتنظيمي للجماهير الشعبية.. 
إن الأنظمة التبعية والرأسمالية بشكل عام لا تفرض هيمنتها بالآليات "الديمقراطية" المروج لها ممن باعوا أقلامهم وضميرهم، بل تضمنها بآليات القمع المادي والرمزي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليس لنا أي شك في عجز المخططات الإجرامية والمناورات السياسية البليدة في تجميد الصراع الطبقي والالتفاف عليه وفي فشلها الحتمي لنزع فتيل الصراع الضاري الآخذ في التوسع والانتشار. بل العكس، الأزمة تتعمق بشكل متسارع بفعل مخططات النظام في هذه المرحلة ولم يبق أي نفع وأي مفعول لمسكناته. ومناورات أفلام "الأكسيون" لن تعمر طويلا، ولن تنزع فتيل الصراع. والجماهير المحكومة بالمخططات الإجرامية التصفوية تعود، وستعود، للميادين وللانتفاض بعفوية وبسرعة غير مسبوقة في التاريخ الحديث، وتؤكد رفضها لمواصلة العيش في ظل الواقع المأساوي والفقر المدقع والتجويع والتشريد والقمع المفروض.. والتحركات والانتفاضات والمواجهات المتفرقة والمتواصلة هنا وهناك وجها لوجه مع النظام، مجسدا في أجهزته القمعية، انعكاس ملموس لحقيقة الصراع الطبقي، كحقيقة لم يقدر على طمسها عبيد النظام.. 
لكن السؤال هو هل استمرار التجربة على هذا الإيقاع قد تقلب موازين القوى وتمر بنضال شعبنا إلى تخطي تكرار الهزائم؟ 
إننا نؤكد أن التحركات والانتفاضات ستحدث دوما، لأنها نتيجة حتمية لشروط موضوعية وذاتية قائمة. لكن هذا لا يعني أنها ستؤدي لقلب موازين القوى وحسم معادلة الصراع الطبقي القائم على الأرض في ظل ذات الشروط التي تخاض فيها المعارك، أي في شروط العفوية وغياب الأداة السياسية الثورية ومحدودية الوعي الطبقي مقابل نظام مدعوم من الامبريالية والصهيونية والرجعية، ويسيطر على المفاتيح الاقتصادية والسياسية والإعلامية ويتمدد عبر ذيوله الحزبية والنقابية والجمعوية ونسيج من العملاء المتغلغلين في شرايين المجتمع ككل، وخاصة القوى الظلامية؛ ولو أن الجماهير الشعبية المضطهدة تخوض المعارك العنيفة من موقعها الطبقي في ظل التفقير والتشريد ونسف كل مكتسباتها التاريخية، وتتعرض باستمرار للقمع، وليس كجماهير مكبلة تحت غطاء إطارات عميلة وخاضعة ومملوكة. 
إن الصراع الطبقي ليس حالة يخضعها المسيطرون للثبات، ولن ينتهي مع مقاطع ل"أفلام الإثارة"، فهو ميزان قوى يخضع للمد والجزر؛ والمعارك في ظله قد تتقدم وتتراجع وقد تتوسع وتتقلص بحيث لا يمكن الحسم بالفشل المطلق أو الانتصار المطلق. لكن معرفة شروط الصراع وقدراتنا الذاتية في ظله واستيعاب متطلبات القوى الطبقية المناهضة للنظام، التي نحن بينها، هي المفتاح لتدليل العقبات للتقدم لخوض المعارك الحاسمة، وأساس الجدال المسؤول والعمل الجاد لبناء آليات الرد الصحيح وتجاوز انفصال أواصر العلاقات النضالية بين العمال والكادحين من فلاحين فقراء وطلبة ومعطلين وتجار صغار وموظفين صغار ومهمشين في ميادين النضال. 
إننا في حاجة ملحة الى معركة مصيرية تجيب عن عطشنا وعن تعليمنا وصحتنا ودخلنا ولقمتنا وحريتنا..، معركة السيادة على القرار وعلى المصير. فالتاريخ أثبت عجز القوى الرجعية عالميا عن مواجهة القوة الثورية الموحدة للعمال والفلاحين الفقراء وكل الكادحين.

تيار البديل الجذري المغربي
C.A.RA.M





شارك هذا الموضوع على: ↓


تعليقات فايسبوك
0 تعليقات المدونة

0 التعليقات:

إرسال تعليق